اللغة العِرْبية

 

جرس يقرع: نحن أمام خطر لغوي داهم. اللغة العبرية تجتاحنا، وفي كل فن وفي كل مجال، وحتى لدى الأطفال في مثل هذا الحوار:

-        اعطني "סבוב".

-        - لا. أنت من أطعمتني من ال "עוגה".

-        - وفي الرياضة شبابنا يرددون "כדורסל", "ליגה", "תיקו","שופט", "משקיף", "בוז"

وفي الزراعة أصبحت (דשא) (שורה) (תרמיל) (מיכל) (סלסלה) طاغية جداً، ولا تسأل عن مجال الطب والمحاماة. وحتى في التعليم العربي – حيث المفروض أن نحافظ على لغتنا- تجد معلمينا يتحدثون عن ال (תלוש),(יומן),(תקן)  ويكررون ( בסדר) عشرات المرات، وقد أحصيت متعمداً لأحد المعلمين في جلسة ما فوجدته قد استعمل سبعين كلمة عبرية. وتلتقي يومياً بشباب يمزجون لغتهم بلغة عبرية، بل يبتدعون لغة جديدة تخضع لبعض اشتقاقات العربية وصيغها، فالأطفال أخذوا " بيجديامات" والمسافر "سدّر" له "كرتيسين" والمزارع يسأل زميله " تخخت الأرض ورسستها" أو " طفتطفتها؟"، والأم تسأل أبناءها عن " الشلاط"...الخ

مأساة لغوية خاصة بنا،  وذلك لأننا لو سمعنا منهم العبرية فقط لقلنا: حسناً، ها هم أبناؤنا يتقنون لغة أخرى يخاطبون بها أبناء الشعب الآخر، ولكنهم يتحدثون بلغة لا يفهمها يهودي، ولا يستوعبها عربي من العالم العربي من محيطه إلى خليجه. إنهم يتحدثون العِرْبية، على غرار اللغات الممزوجة الاخرى من " ييديش" و " لادينو" و " فرانكوأراب".

وتسألني ما الحل أمام هذا المد الكاسح؟ في ظني ان المبادرة التي قام بها أساتذة ومحاضرون في اللغة العربية لها أهميتها في هذا السياق، وهي قيام جمعية لغوية محلية تنشط وتبتكر ترجمات مقبولة، وتوزعها على المدارس والصحف، فكلمة "שלט" مثلا نستعمل بديلاً لها " موجّه" وكلمة "עדכן" تلائمها كثيراً في مستواها الدلالي " حَتّن". ( منحوتة من" حتى الان").

ويجب أن تكون هذه الكلمات المبتكرة مع بداية المصطلح العبري، فمثلاً عندما أقيم مجمع تجاري في باقة الغربية، اصطلحوا عليه منذ  تأسيسة (קניון)، فلو قبلوا اقتراحي " مَشْرَى" وسجلوا الكلمة على لافتة بارزة، وسجلوها على دفاتر الوصولات لأصبحت الكلمة مألوفة معروفة.

إن اللغة إختصار حضارة وفكر، فجدير بنا ألا نشعر بالنقص في لغتنا، بل نحمّلها هي كذلك طاقات وزخما. ونحن بحاجة إلى توزيع الكلمات المقترحة وإشاعتها وتبنيها، وأن تكون لفظة واحدة مقترحة لا عدة ألفاظ ويجب أن ترافق نشاط الجمعية اللغوية رسالة توعية يقوم بها مثقفون على صعيد وطني وإجتماعي. فم منا يريد الانصهار؟ او ان يصيبنا ما أصاب الجزائريين في مطالع هذا القرن؟

أيها المثقفون: إعملوا على مكانتكم، حاولوا أن توقفو المتحدث باللغة الممتزجة فإذا استعمل (בסדר) قول له أنت تقصد "تمام"،" طيب"، وإذا لفظ "יפה"- وهو معجب-نشير إليه بلفظة "جميل"، "رائع" ولمن يقول (צילום) نذكره بلفظة " صورة" الخ، نصححه بلطف، ونشعره أنه لا يحسن العربية، ونذكّره بقصة الغراب الذي أراد أن يمشي مشية الحجل.

وفي الختام ، قرأت مقالتي هذه- قبل أن تصلكم- على مسمع زوجتي، فما كان منها الا أن علقت- وقد نسيت – (כל הכבוד)....

هززت رأسي مستنكراً، ولكنها سرعان ما استدركت وفهمت سرّ استنكاري وقالت " كل الاحترام".!